إذا كنت معلما أو مدربا أو صاحب خبرة تريد نقلها إلى الآخرين..
فهناك نظرية أو نموذجا أنت بحاجة ماسة إلى معرفتها واكتشاف كيف تدرس بذكاء.
إنها هي التي تصنع الفرق الأكبر بين طالب يتعلم برغبة وشغف وآخر يدخل إلى الحصة مرغما ويخرج من الدرس بلا معرفة تذكر.
إنها نظرية الكفاءة الواعية
ما هو نموذج الكفاءة الواعية؟
هو نموذج أو نظرية أو مصفوفة من أربع خانات تشرح عملية تعلم مهارة جديدة أو سلوك أو قدرة بحيث ينتقل المتعلم من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية ثم الثالثة والرابعة.
وقد يطلق عليها سلم الكفاءة الواعية ومصفوفة الكفاءة الواعية
يتكون النموذج من عنصرين:
- الكفاءة (مقدار ما نملكه من مهارة أو خبرة في مجال ما)
- الوعي (مدى وعينا بأهمية تلك المهارة أو الخبرة)
يتفاعل العنصران فيما بينهما ليشكلا مصفوفة من أربع خانات على النحو التالي:
الخانة الأول/ لاوعي لا كفاءة (ليس لديه بأهمية المهارة وليس لديه معرفة بها)
الخانة الثانية/ وعي ولا كفاءة (لديه وعي بأهمية المهارة وليس لديه معرفة بالمهارة)
الخانة الثالثة/ وعي وكفاءة (لديه وعي بأهمية المهارة ولديه معرفة بالمهارة)
الخانة الرابعة/ لاوعي وكفاءة (ليس لديه وعي المهارة ولديه معرفة بالمهارة)
يتم تمثيل الخانات الأربع كما في الشكل التالي:
ما أهميته؟
النقطة الرئيسية هنا أن هذه الأداة تعرفنا أن طلابنا أو المتدربين ربما يكونوا في المربع الأول ونحن نعتقد أنهم في المربع الثاني أو الثالث فلا يتضمن تدريبنا تعميق لأهمية الموضوع ودوره في حياتنا والفوائد التي سيجنيها المتعلم من هذ المهارة،
فيقل استيعابهم لما نريد أن نعلمهم إياه والعكس أيضا صحيح ربما يكون الطلاب ليسوا بحاجة أن نبدأ معهم من المربع الأول لأنهم مدركون لأهمية التعلم وبالتالي لديهم الوعي الكافي.
ومع ذلك علينا التأكد من ذلك من خلال البداية من المربع الأول على افتراض أن الوعي بأهمية التعلم لديهم أو لدى بعضهم منخفض أو معدوم (وهنا يرد معنا نموذج مكارثي الذي سيرد معنا في مقالة قريبا بإن الله) مع أن ذلك ربما يسبب الملل لمن لديهم الوعي الكافي.
وهنا نحتاج أن ننبه إلى أن التدريب في بعض الأحيان قد يكون مضرا خاصة مع نقص الوعي بالذات (للتعرف أكثر على هذا الموضوع اطلع على مقال نافذة جوهاري)؛ فقد يحصل الموظف على كورس تدريبي لم يعد جيدا يظن بعده أنه ملك الخبرة والمهارة في موضوع ما بالرغم أنه لم يتحصل على المهارة المطلوبة بالقدر الكافي من خلال هذا البرنامج التدريبي إما لضعف المادة التدريبية أو قلة خبرة المدرب فيكون بذلك منخفض الوعي منخفض الكفاءة (لا وعي ولا كفاءة).
كيف يعمل هذا النموذج؟
يتكون النموذج من اربع خانات متسلسلة من الأولى إلى الرابعة وفيما يلي توصيف كل خانة:
1- عدم الكفاءة وعدم الوعي
- الشخص ليس على دراية بوجود أو أهمية المهارة
- لا يعلم الشخص أن لديه نقصًا خاصًا في المهارة المحددة
- قد ينكر الشخص أهمية أو فائدة المهارة الجديدة
- يجب أن يدرك الشخص عدم كفاءته قبل أن يبدأ تطوير المهارة الجديدة أو التعلم
- الهدف من التعليم أو التدريب هو نقل الشخص إلى مرحلة “الكفاءة الواعية”، من خلال إظهار أهمية المهارة أو القدرة والفائدة التي ستجلبها إلى فعالية الشخص.
2- عدم الكفاءة والوعي
- يصبح الشخص مدركًا لوجود المهارة وأهميتها
- لذلك فإن الشخص يدرك أيضًا نقصه في هذا المجال، من خلال محاولة استخدام هذه المهارة
- يدرك الشخص أنه من خلال تحسين مهاراته أو قدرته في هذا المجال، ستتحسن فعاليته
- من الناحية المثالية، يكون لدى الشخص مقياس لمدى نقصه في المهارة ذات الصلة، ومقياس لمستوى المهارة المطلوب لكفاءته
- يلتزم الشخص بشكل مثالي بتعلم وممارسة المهارة الجديدة، والانتقال إلى مرحلة “الكفاءة الواعية”
3- الكفاءة والوعي
- يحقق الشخص “الكفاءة الواعية” في إحدى المهارات عندما يمكنه القيام بها بشكل موثوق به كما يشاء
- سيحتاج الشخص إلى التركيز والتفكير من أجل أداء المهارة
- يمكن للشخص أداء المهارة دون مساعدة
- لن يؤدي الشخص المهارة بشكل موثوق ما لم يفكر فيها – المهارة ليست “طبيعة ثانية” أو “تلقائية” بعد
- يجب أن يكون الشخص قادرًا على إظهار المهارة للآخر، ولكن من غير المحتمل أن يكون قادرًا على تعليمها جيدًا لشخص آخر
- يجب أن يستمر الشخص بشكل مثالي في ممارسة المهارة الجديدة، وإذا كان ذلك مناسبًا، يلتزم بأن يصبح “مؤهلاً بشكل غير واعٍ” في المهارة الجديدة
- الممارسة هي الطريقة الأكثر فعالية للانتقال من المرحلة 3 إلى 4
4- الكفاءة وعدم الوعي
- تصبح المهارة ممارسة لدرجة أنها تدخل الأجزاء اللاواعية من الدماغ – تصبح “طبيعة ثانية”
- الأمثلة الشائعة هي القيادة، والأنشطة الرياضية، والكتابة، ومهام البراعة اليدوية، والاستماع والتواصل
- يصبح من الممكن أداء مهارات معينة أثناء القيام بشيء آخر، على سبيل المثال، الحياكة أثناء قراءة كتاب
- قد يكون الشخص الآن قادرًا على تعليم الآخرين في المهارة المعنية، على الرغم من أنه بعد مرور بعض الوقت من كونه مؤهلاً بشكل غير واعٍ، قد يواجه الشخص بالفعل صعوبة في شرح كيفية القيام بذلك بالضبط – أصبحت المهارة غريزية إلى حد كبير
ما هي تطبيقات هذه النظرية؟
في مثال تعلم قيادة السيارة:
في المربع رقم 1 (عدم الكفاءة وعدم الوعي) لا يدرك الإنسان أهمية قيادة السيارة وليس لديه أي فكرة عن كيفية القيادة
بمعنى آخر لم يحتج الشخص لأن يقود سيارة يوما ما وبالتالي ليس لديه خبرة عن هذه المهارة.
في المربع رقم 2 (عدم الكفاءة والوعي) في هذه المرحلة لدى الإنسان وعي بأهمية قيادة السيارة، ولكن ليس لديه معرف بمهارة القيادة.
في المربع رقم 3 (الكفاءة والوعي) هنا يدرك الإنسان أهمية قيادة السيارة وحاجته إليها ولديه معرفة بكيفية القيادة ومهاراتها.
في المربع رقم 4 (الكفاءة وعدم الوعي) في هذه المرحلة ليس لدى الإنسان وعي بقيادة السيارة بمعنى حينما يقود السيارة فإنه يقودها في اللاوعي ويستطيع أثناء القيادة ممارسة بعض الأنشطة الأخرى كالتحدث إلى الشخص المجاور له، ولديه معرفة ومهارة جيدة بالقيادة.
لكن علينا أن نشير إلى أن الخطوات ليست بالضرورة متسلسلة فربما أن قلة ممارسة المهارة في هذا المربع الرابع ربما تجعل الشخص يعود إلى المربع الثالث أو الثاني ليبدأ من جديد في تخطي المراحل الثلاث المتبقية إذ أن البقاء في المرحلة الرابعة يتطلب الممارسة المستمرة للمهارة ونقل خبرته إلى الآخرين.
وعلى ذلك أن يمكن أن نقول أنه إذا أردنا أن نبقى على معرفتنا بمهارة معينة في حيز الوجود فعلينا أن نستمر في ممارستها ومواكبة أي تحديثات لهذه المهارة (كما في الجانب التقني) وتعليمها الآخرين ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
هناك مقولة قديمة تشير إلى مصفوفة قريبة من هذا النموذج غير أنها تختلف عنها من حيث المبدأ
من لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم، فهو أحمق – ابتعد عنه = (لاوعي لا كفاءة)
ومن لا يعلم، ويعلم أنه لا يعلم فهو جاهل – علمه = (وعي ولا كفاءة)
من يعلم، ولا يعلم أنه يعلم، فهو نائم – يوقظه = (لاوعي وكفاءة)
ولكن من يعلم، ويعلم أنه يعلم، فهو رجل حكيم – اتبعه= (وعي وكفاءة)
ختاما.. يعد هذا النموذج من النماذج القيمة والمفيدة والتي تفسر عملية تعلم مهارة أو خبرة جديدة، وعلى كل معلم أو مدرب أو صاحب خبرة يريد أن ينقل خبراته للآخرين بكفاءة، فعليه إن أراد أن تكلل جهوده بالنجاح أن يأخذ هذا النموذج بعين الاعتبار.